شيطانهم ويخدعهم به ليرديهم حفر الدمار والنيران كما قال من قبل ولكن الرجل المؤمن يرى بنور ايمانه غير ما يراه الطاغي المجرم باجرامه.
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ ..) ولكل حزب كان يوما. ولكل يلاقي فيه جزاء ما خدع وأجرم. فهو اليوم الذي يتجلى فيه بأس الخالق القهار (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) انما يأخذهم بذنوبهم واجرامهم. ثم يطرق على قلوبهم طرقة أخرى فيقول :
(وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ) وفي ذلك اليوم ينادي الملائكة الذين يحشرون الناس لموقف العرض على عالم اسرارهم.
(وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣) وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (٣٤) الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥))
البيان : (يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ) في ذلك ينادي الملائكة. وينادي أصحاب الاعراف وينادي اصحاب الجنة اصحاب النار. وأصحاب النار اصحاب الجنة. فالتنادي واقع في صور شتى.(يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ) قد يكون ذلك فرارهم من هول جهنم. ولا عاصم ولات حين مناص. (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) ولعل فيها اشارة خفية الى قول فرعون. (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) وتلميحا بان الهدى هدى الله. وان من تركه الله لعصيانه فما له من هاد.
(وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ ...) هذه هي المرة الاولى في القرآن التي