المتقلبة ونزوتها المضطربة. ورغباتها ومخاوفها. وآمالها ومطامعها التي لا تستند الى حق. ولا تقف عند حد. ولا تزن بميزان. (فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ) وهذه نتائج اتباع الهوى (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) يمنعونهم من سوء المصير.
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ. الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها. لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ...)
هذا التوجيه لاقامة الوجه للدين القيم يجيء في موعده وفي موضعه. بعد تلك الجولات. في ضمير الكون. وفي أغوار النفس وفطرتها. وهذا هو السلطان الذي يصدع به القلب في رد النفوس (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) واتجه اليه مستقيما. فهذا الدين هو العاصم من الانحراف مع الاهواء.
(فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) وبهذا يربط بين فطرة النفس البشرية وطبيعة هذا الدين القويم. وكلاهما من صنع الله تعالى. وكلاهما موافق لناموس الوجود. والله الذي خلق القلب البشري هو الذي أنزل اليه هذا الدين ليحكمه ويصرفه. فيقومه من الانحراف.(وهو أعلم بمن خلق) والفطرة ثابتة. والدين ثابت. (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) فاذا انحرفت النفوس عن الفطرة لم يردها الى الاستقامة الا هذا الدين المستقيم. (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
(مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢) وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥))
البيان : (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) فهي الانابة الى الله والعودة في كل أمر