يتظاهرون تظاهرا بأنهم يلقون سمعهم وبالهم للرسول ص وآله. وقلوبهم لاهية غافلة او مطموسة مغلقة. كما انه قد يدل من جانب آخر على الغمز الخفي اللئيم. اذ يريدون ان يقولوا بسؤالهم هذا لأهل العلم : أن ما يقول محمد ص وآله لا يفهم. او يعنون السخرية بكل ما يقوله ص واله (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) ذلك حال المنافقين في كل آن. (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) وترتيب الوقائع في الاية يستوقف النظر. فالذين اهتدوا كافأهم الله بزيادة الهدى. وكافأهم بما هو أعمق واكمل.
(وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) والتقوى حالة في القلب تجعله ابدا واجفا من هيبة الله شاعرا برقابته. خائفا من غضبه. متتبعا الى رضاه. متحرجا من أن يراه الله على هيئة أو في حالة لا يرضاها. هذه الحساسية المرهفة هي التقوى. التي يتوقف قبول الاعمال عليها.
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) ماذا ينتظر هؤلاء الغافلون عن الله. الذين يدخلون مجالس رسول الله ص وآله. ويخرجون منها غير واعين ما يقول ولا ملتفتين الى ما يقول. بل يسخرون بما يقول. لانهم لهذا دخلوا اليه وتظاهروا بالاسلام (فانى لهم ـ اذا جاءتهم ـ ذكراهم ـ انها الهزة القوية العنيفة التي تخرج ممن أخزاه الله).
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) وعلى اساس العلم بهذه الحقيقة واستحضارها في الضمير تبدأ التوجيهات الاخرى (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ).
وهذا الخطاب وان كان بظاهره موجه للنبي ص وآله. ولكن المقصود به غيره. وانما هو تلقين للعباد. وحثهم على استغفار الله من ذنوبهم لعلهم يتقون.
(وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) هنا يشعر القلب المؤمن بالطمأنينة