ـ ٥١ ـ سورة الذاريات (٦٠) ستون آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦) وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ (١١) يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤))
البيان : هذه الايقاعات القصيرة السريعة. بتلك العبارات الغامضة الدلالة. تلقى في الحسّ ـ كما تقدم ـ ايحاء خاصّا. وتلقي ظلا معينا. يعلق بأمر ذي بال. وشأن يستحق الانتباه. وقد احتاج غير واحد في العهد الاول ان يستفسر عن مدلول الذاريات. والحاملات والجاريات. والمقسمات. فعن امير المؤمنين علي (ع) : (ان الذاريات ـ الريح والحاملات ـ السحاب ـ فالجاريات ـ السفن ـ فالمقسمات ـ قال (ع) ـ الملائكة ـ ولا عجب من علي فانه باب مدينة العلم (ع) فان الله سبحانه يقسم بهذه المخلوقات الاربع على : (أن ما توعدون لواقع) وقد وعد الله تعالى الناس : انه مجازيهم بالاحسان احسانا. وبالسوء عذابا. وانه انما امهلهم الى يوم يبعثون. فليس بمهمل ولكنه امهلهم لعلهم يرجعون اليه ويتوبون من خطاياهم لانه عزوجل يحب السعادة والنعيم لعباده الذين يستعملون عقولهم ويلتزمون بما أمرهم ونهاهم. فالوعد صادق حتما. وقد تقتضي الحكمة ان يعاقب بعض المجرمين في الدنيا والاخرة ليكونوا عبرة لغيرهم لعلهم يهتدون. ومما وعدهم به الرزق وكفالتهم وحمايتهم من كل ما يخشونه ان هم اطاعوا واذعنوا لامره والتزموا باحكامه.
ولا بد ان يتحقق ما وعد به الخالق العظيم. وانما يقسم ببعض مخلوقاته لتوجيه القلب اليها. والتدبر لما وراءها. من ابداع واتقان. لكل ما خلقه الله العزيز القهار. وهكذا تصبح تلك الخلائق آيات