أبكاه اليوم. ويبكي مما أضحكه. هذه الصور وغيرها تنبثق من خلال النص وكلما تجددت عوامل الضحك والبكاء في النفوس. كلما زاد رصيد النفس من التجارب.
(وانه أمات وأحيا) كذلك تنبثق من هذا النص صور لاعداد لها في الحس الحي. لقد أنشأ الموت والحياة. (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) الملك وهما أمران معروفان كل المعرفة. يتكرران دائما وأبدا بدون انقطاع. ولكنهما خفيان. كل الخفاء. حين يحاول البشر أن يعرفوا طبيعتهما وسرهما الخافي على الاحياء.
فما الموت. وما الحياة. ما هي. ومن اين جاءت. وكيف تذهب وأين تنتقل. وكيف تلبست. وكيف دبت الحياة في الكائن الحي. وكيف انه السر الخافي وراء الستر.
(أمات وأحيا. وتنبثق ملايين الصور من الموت والحياة. في عوالم الاحياء كلها في اللحظة الواحدة. في هذه اللحظة. كم من ملايين الملايين من الاحياء يميت. وكم من ملايين الملايين ينشأ ويوجد. وكم من الموات تقع فاذا هي بواعث حياة. وكم من هذه الصور يتراءى مدار القرون. انها حشود من الصور وحشود تطلقها كلمات قلائل. فتهز القلوب الحية. وتنيرها كالبدر في الظلام.
(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى) وهي حقيقة هائلة متكررة في كل لحظة. فينساها الانسان لتكرارها امام عينيه. وهي أعجب من كل عجيبة.
نطفة تراق من افراز هذا الجسد كالعرق والدمع والمخاط. فاذا هي بعد فترة تكفر في تدبير خالقها وتصبح انسانا جبارا يسيطر على هذا الكون الهائل بقوة عقله ومداركه ويستخدمه في أغراضه ومصالحه.