وتخطابها ملائكة العذاب عند موت الجسم بقوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ..) وحينئذ تهوي في نار البرزخ الى يوم القيامة. فتدخل نار الخلود والدوام.
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) قد كانت المشكلة الشعورية عند المشركين هي صعوبة تصورهم لجمع العظام البالية في التراب. ورجوعها الى الحياة كما هي والقرآن يرد عليهم :
(بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) البنان هي الخطوط التي توجد في الانامل والبصمات (أطراف الاصابع) والنص يؤكد عملية رجوع ما هو ادق من مجرد جمعها. وهو تسوية البنان. كما كانت وهي كناية عن اعادة التكوين الانساني بأدق ما فيه. واكماله بحيث لا تضيع منه حتى بنانه ولا تختل عن مكانها. بل تسوي تسوية تامة. لا ينقص منها شيء حتى تلك الخطوط الدقيقة.
(بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) والسؤال بأيان يوحي باستبعاده لهذا اليوم. والاخرة لجام للنفس الراغبة في الشر ومصدة للقلب المحب للفجور. فهو يحاول ازالة هذا وازاحة هذا اللجام لينطلق الشر في فجوره بلا حسيب ولا رقيب.
ومن ثم كان الجواب على التهكم بيوم القيامة. واستبعاد موعدها مشهدا من مشاهد الكون.
(فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ ..) فالبصر يخطف ويتقلب سريعا والقمر يخسف ويطمس والشمس تقترن بالقمر. وعندئذ (فيقول الانسان (أَيْنَ الْمَفَرُّ) ويظهر انه سؤال رعب وفزع. واذا هو مسدود دونه كل طريق وكل منفذ. ولا ملجأ ولا وقاية. ولا مفر من قهر الله واخذه.