(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) : اللهم ان هذا هو الحق الذي تراه الفطرة. وتراه العين ويراه القلب. ويقره العقل والضمير الحي. والحق والعدل. المتمثل في بدائع الاشياء. وفي طبيعتها وتناسقها. وفي كل ما يتعلق بوصف الحسن والجمال. (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ).
انها نشأة من الطين. وان الطين كان المرحلة السابقة لنفخ الحياة فيها بأمر الله. وهذا هو السر الذي لم يصل اليه أحد. لا ما هو. ولا كيف كان. ولا كيف نشأ هذا الانسان الذي منتهى أمره اما أن يكون أفضل وأشرف من الملائكة. واما أن يكون أخبث وأسفل من حشرات الارض وهوامها. (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) من نطفة قذرة ثم من علقة نجسة. ثم من مضغة وهنة.
(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ. وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ).
يا ألله ، ما أضخم الرحلة. وما أبعد الشقّة. وما أعظم المعجزة التي يمرّ عليها الناس وهم عنها غافلون. أين تلك النطفة الصغيرة المهينة. من ذلك الانسان ـ الملاك القديس ـ او الشيطان الرجيم ـ
انها يد الخالق العظيم العلام الخبير الصانع الحكيم. الغفور الرحيم. انها يد الله التي كونت هذا الانسان. وانها النفخة من روح الله في هذا الكيان. انها التفسير الوحيد الممكن لهذه العجيبة التي تتكرر في كل لحظة والناس عنها غافلون. ثم هي النفخة من روح الله التي جعلت من هذا الكائن العضوي انسانا ذا سمع وبصر. وذا ادراك انساني مميز عن سائر الكائنات العضوية الحيوانية. (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) وكل تعليل اخر عاجز عن تفسير تلك العجيبة التي تواجه العقل البشري بالحيرة الغامرة.