فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) فهم ما يزالون يرتعشون ويأبون ان الاحزاب قد ذهبت وانه قد ذهب وجاء الامان. (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ).
فيا للسخرية ويا للتصور الزري. ويا للصورة المضحكة. هؤلاء الجبناء لو انهم لم يكونوا من اهل المدينة يوما من الايام. ويتمنون انهم كانوا من أعراب البادية. لا يشاركون أهل المدينة. في حياة ولا مصير. يتمنون هذه الامنيات المضحكة مع أنهم قاعدون. بعيدون عن المعركة (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) وبهذا الخط ينتهي رسم الصورة لاولئك الجبناء.
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١) وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣) لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٤) وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥))
البيان : وقد كان رسول الله ص وآله. على الرغم من الهول المرعب والضيق المجهد. مثابة الأمان للمسلمين. ومصدر الثقة والرجاء والاطمئنان. وان دراسة موقفه ص وآله. في هذا الحادث الضخم لما يرسم لقادة الجماعات والحركات طريقهم. وفيه اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر. وتطلب لنفسه القدرة الطيبة. ويذكر الله ولا ينساه.
(وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ. وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) لقد كان الهول الذي واجهه المسلمون في هذا