الحادث من الضخامة. وكان الكرب الذي واجهوه من الشدة (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً).
لقد كانوا اناسا من البشر وللبشر طاقته لا يكلفهم الله ما فوقها وعلى الرغم من ثقتهم بنصر الله تعالى في النهاية. وبشارة الرسول ص وآله لهم. تلك البشارة التي تتجاوز الموقف كله الى فتوح اليمن والشام .. والمغرب والمشرق .. على الرغم من هذا كله. فان الهول الذي كان حاضرا يواجههم كان يزلزلهم ويزعجهم ويكرب انفاسهم (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) هذا في مقابل ذلك النموذج الكريه. نموذج الذين عاهدوا الله من قبل لا يولون الادبار. ـ ثم لم يوفوا بعهد الله (وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ) ومثل هذا التعقيب يتخلل تصوير الحادث والمشاهد ـ ليرد الامر كله الى الله تعالى. ويكشف عن حكمة الاحداث والوقائع فليس شيء منها عبثا ولا صدفة. انما تقع وفق حكمة مقدرة وتدبير مقصود ـ وتنتهي الى ما شاء واراد العالم بعواقب الامور. وفيها تتجلى رحمة الله بعباده ورحمته. (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً). وقد بدأت المعركة وسارت في طريقها وانتهت الى نهايتها
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧))
البيان : الصياصي الحصون. والارض التي ورثها المسلمون ولم يطؤوها. هي خيبر فتحت بعد ذلك. والمراد بالذين ظاهروا هم بنو قريضة الذين كانوا متعاهدين مع النبي ص ان لا يتظاهروا عليه ولا يساعدوا عدوه. فلما جاءت الاحزاب ورأوا بوهمهم ان المسلمين