تعليق على الآية
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ...) إلخ
لقد تعددت الأقوال التي يوردها المفسرون (١) لأنفسهم أو لأهل التأويل وأئمة الفقه في مدى الإجراءات التي تضمنتها الآية نوجزها ونعلق عليها بما يلي ، مع التنبيه على أننا لم نطلع على أثر نبوي وثيق في ذلك وأن الراجح أن الأقوال المساقة هي من قبيل الاجتهاد :
١ ـ قال المفسرون إن المخاطبين في الآية يحتمل أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم أو أهل الزوجين أو ذوي الشأن والعلاقة من المسلمين. ونقول إن من المحتمل أن يكون كل من الجهات الثلاث معا مخاطبة. فكل منها يصح أن تتدخل وتتوسط في الإصلاح بين الزوجين. ولما كانت صيغة الآية تشريعية مطلقة لتكون محل تطبيق وتنفيذ في كل ظرف فيكون ولي أمر المؤمنين أو نائبه يقوم مقام النبي صلىاللهعليهوسلم بعده. ومع ذلك فإن من المتبادر أنه الأقوى هو أن الخطاب موجه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم الذي كان المرجع فيما كان ينشب بين المسلمين من خلافات والقادر على التنفيذ المطاع فيه. وإذا صح هذا فيكون الخطاب بعد النبي موجها لولي أمر المؤمنين في الدرجة الأولى. وإن كان هذا لا يقلل من احتمال توجيهه لذوي الشأن في أسرة الزوجين ومجتمعهما.
٢ ـ هناك من قال إن الزوجين المتشاقين هما اللذان يختاران حكميهما. فيخبر كل منهما حكمه المختار بما يطلب ويشكو. وهناك من قال إن هذا شأن ذوي الشأن من الأسرة أو المجتمع أو السلطان على اختلاف تحمل مدى العبارة القرآنية ويكون للطرف المتضرر من موقف الآخر أن يرفع أمره وحسب. والآية تخاطب المخاطبين ببعث الحكمين وهذا يجعل الرجحان للقول الثاني. ويوجهه كون كل من الطرفين قد يختار حكما متعصبا له فيتعسر إيجاد الحل الوسط.
__________________
(١) انظر تفسير الطبري والبغوي والخازن وابن كثير والطبرسي.