بواحدة أو بما في ملك يمينهم من الإماء فقط. فهذا هو أحرى أن يجنبهم إثم الجور والجنف.
تعليق على الآية
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) إلخ
وتمحيص مسألة تعدد الزوجات
لم نطلع على رواية خاصة في مناسبة نزول الآية. ويتبادر لنا أنها جاءت معقبة على الآية السابقة لها التي تنهى عن أكل أموال اليتامى وهادفة إلى حماية البنات اليتيمات. أما بقية الآية فقد احتوت استطرادا متسقا مع مداها.
ولقد روى البخاري ومسلم عن عروة قال : «سألت عائشة عن قول الله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) فقالت : يا ابن أختي ، هذه اليتيمة تكون في حجر وليّها تشركه في ماله ويعجبه جمالها ومالها فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فنهوا عن ذلك إلّا أن يبلغوا لهن أعلى سنّتهن في الصداق وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن» (١). وقد روى الطبري حديثا آخر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة جاء فيه «أنّ الآية الأولى نزلت في اليتيمة تكون عند الرجل وهي ذات مال فلعله ينكحها لمالها وهي لا تعجبه ثم يضربها ويسيء صحبتها فنهوا عن ذلك» وتبدو حكمة النهي في هذا الحديث أظهر مما هي في الحديث الأول كما هو واضح. فإن احتمال الخوف من الجور أحرى أن يكون من ناحية زواج الوصي على اليتيمة غير الجميلة طمعا في مالها فقط. والمتبادر أن هذه الحالة تكون في ذوي القربى حيث تكون اليتيمة ذات المال في حجر أحد أقاربها فيضنّ بمالها أن يأخذه الغريب فيتزوجها أو يزوجها لابنه ولا يكون لها من جمالها عاصم فتتعرض للأذى. وهذا المعنى ذكر بصراحة أكثر في آية أخرى من هذه السورة وهي : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٧٩ ـ ٨٠.