بمقابلة العدوان بمثله وبمقابلة أعدائهم المشركين الذين كانوا يقاتلونهم ويؤذونهم في آيات سورة الحج [٣٩ ـ ٤١] وسورة البقرة [٢١٥] على ما شرحناه في سياق تفسيرها.
ويمكن القول والحالة هذه إن هذه الآيات قد نزلت كذلك مبكرة كسابقاتها. وربما نزلت بعد وقعة بدر أو وقعة أحد. ولعل هذا من أسباب جعل هذه السورة في ترتيبها المتقدم بعض الشيء. وهذا الفصل مثل آخر مما قلناه في مقدمة السورة من وجود فصول فيها متقدمة في النزول على فصول في سور أخرى متقدمة عليها في الترتيب.
تعليق على جملة
(وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ
مِنْ عِنْدِ اللهِ) وعلى جملة (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ)
ولقد كانت هاتان الجملتان موضوع بحوث كلامية (١) وقد توهم بعضهم أن بينهما تناقضا وقد تصدى المفسر الخازن للتوفيق بينهما فقال إن إضافة كل شيء إلى الله هي على الحقيقة وإن إضافة السيئة للإنسان هي على المجاز لبيان كون ذلك بسبب ذنب اقترفه أو تقصير وقع فيه ومن قبيل (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) في الآية [٨٠] من سورة الشعراء حيث احتوت الجملة حكاية قول إبراهيم الذي نسب المرض وأسبابه لنفسه والشفاء لله تعالى. ولقد تصدى السيد رشيد رضا في تفسيره للمسألة فقال إن فيها حقيقتين الأولى كون الله تعالى خالق الأشياء التي هي مواد المنافع والمضار وواضع النظام والسنن لأسباب الوصول إلى هذه الأشياء بسعي الإنسان. والثانية كون الإنسان لا يقع في شيء يسوءه إلا بتقصير منه في استبانة الأسباب وتعرف السنن. ومهما يكن من أمر فإنه يتبادر لنا من سياق الآيات وروحها أنها لا تتحمل حيرة ولا جدلا. ولم تستهدف تقرير أصول كلامية. وأن التقريرات التي احتوتها هي ما اقتضاه سياق الكلام وظروفه. ففي الجملة الأولى
__________________
(١) انظر الآيات في تفسير الكشاف للزمخشري وذيله لابن المنير.