ولقد ضرب الخليفة الأول أبو بكر رضي الله عنه المثل العظيم في ذلك بعد رسول الله حينما نشبت حركة الردة ، واتسع نطاقها حيث أبى أن يتراجع أو يتساهل حينما طلب إليه بعض كبار أصحابه ذلك بسبب الظروف الصعبة وخوفا من تفاقم الخطب فقال قولته الشهيرة بأنه لو لم يبق إلّا وحده لقاتلهم (١).
(مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (٨٥)). [٨٥]
(١) من يشفع : قيل في تأويلها في مقامها إنها من شفاعة الناس بعضهم ببعض أو بعضهم لبعض وقيل إنها بمعنى التأييد والمساندة والموالاة. ولعل هذا المعنى أكثر ورودا في مقامها مع سياق الآيات.
(٢) كفل : هنا بمعنى نصيب أو قسم أو تبعة.
(٣) مقيتا : قادرا أو مراقبا أو حسيبا.
في الآية تقرير عام يتضمن كون الذي يدعو إلى الخير ويشجع عليه ويعضده له نصيب من عواقبه الحسنة. وكون الذي يدعو إلى شرّ ويشجع عليه ويعضده له نصيب من عواقبه السيئة ؛ والله قادر على كل شيء مجز كلا بما يستحق.
تعليق على الآية
(مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها ...) إلخ
ولم يرو المفسرون رواية خاصة في نزول الآية. ولكنهم رووا عن بعض التابعين أنها نزلت في شفاعات الناس في بعضهم أو لبعضهم (٢). وقد صرف
__________________
(١) انظر تاريخ الطبري ج ٢ ص ٤٧٦ وبعدها.
(٢) انظر تفسير الطبري والطبرسي والخازن وابن كثير.