(وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (٨٦)) [٨٦].
في الآية خطاب موجّه للمسلمين فيه تنبيه على أنهم إذا ما حيّاهم أحد بتحية فواجبهم أن يجيبوا عليها بأحسن منها أو بمثلها على الأقل. وأن الله محص على الناس أعمالهم ومحاسبهم عليها.
تعليق على الآية
(وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها ...) إلخ
ولم يرو المفسرون فيما اطلعنا عليه رواية خاصة في مناسبة نزول الآية. وكلام المفسرين فيها كلام عن آية مستقلة فيها تأديب وتعليم للمسلمين في صدد السلام. والذي يتبادر لنا أنها هي الأخرى متصلة بالآيات السابقة كسابقاتها اتصال تعقيب وعظة وتأديب وتمثيل. فالمسلمون قد دعوا إلى الجهاد وهي دعوة إلى الخير. والمنافقون يقفون من هذه الدعوة موقف المعارضة والتثبيط. وواجب المسلمين الإجابة على الدعوة وأن لا يقصروا في ذلك أو يثبطوا عنها كما هو الأمر في حالة ما إذا حيّوا بتحية. حيث يجب عليهم أن يقابلوها بما هو أحسن منها أو بمثلها.
والآية بحدّ ذاتها فصل تام المعنى تحتوي تلقينا تأديبيا رفيعا للمسلمين في كل ظرف بوجوب مقابلة التحية بأحسن منها أو بمثلها على الأقل. وروحها تلهم أن التلقين التأديبي شامل للتحية أو الكلمة الطيبة أو الدعوة الطيبة أو العمل الطيب على السواء. وتوجب على المسلم حسن المقابلة على أي قول وعمل فيه خير وأدب وعطف وبرّ ونفع.
__________________
يشدّ بعضه بعضا ثم شبك بين أصابعه ، وكان جالسا إذ جاء رجل يسأل ، أو صاحب حاجة أقبل علينا بوجهه فقال : اشفعوا تؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ما شاء» انظر التاج ج ٥ ص ٤٩ ـ ٥٠.