والآية وإن كانت موجهة إلى أصحاب الأموال لتدبير أمورهم بأنفسهم وتحذيرهم من تمكين ضعفاء العقل والإدراك من أولادهم ونسائهم منها تفاديا من الإساءة في استعمالها فإنها تنطوي على ما يمكن أن تلهمه روحها على مبدإ تشريعي وهو عدم تمكين ضعفاء العقل والتمييز من أموالهم أنفسهم لغلبة الظن بتفريطهم وإساءة تصرفهم ؛ بحيث يجب الحجر عليهم من قبل ولي الأمر وإقامة أوصياء يدبرون لهم أموالهم ويقومون بالإنفاق عليهم بالمعروف والحسنى. وقد قال المفسر القاسمي إن العلماء قد استدلوا بهذه الآية على وجوب الحجر على السفيه البالغ سواء أطرأ عليه السفه أم كان من حين البلوغ.
(وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٦)) [٦].
(١) حتى إذا بلغوا النكاح : الجملة بمعنى حتى إذا بلغوا سنّ الاحتلام والقدرة على المعاشرة الجنسية.
(٢) وبدارا أن يكبروا : استعجالا لأكلها قبل أن يكبروا وتبقى لهم أموالهم.
الخطاب في هذه الآية أيضا موجّه للمسلمين كسابقاتها. وقد تضمنت :
(١) أمرا باختبار اليتامى حينما يبلغون سنّ الحلم ودفع أموالهم إليهم إذا ثبت لهم رشدهم وتمييزهم.
(٢) نهيا عن أكل أموالهم بحجة تدبير أمور أصحابها أكلا فيه إسراف وفيه استعجال قبل أن يكبروا.
(٣) وتحديدا للموقف الذي يجب أن يقفوه من مال الأيتام الذي في عهدتهم. وهو أن يعفّ الغني ولا يمدّ يده إليه. أما الفقير فله أن يأخذ أجرا