بالمعروف أي بدون مبالغة فيما يأخذ.
(٤) أمرا بالإشهاد حينما يدفع الوصيّ لليتيم أمواله.
تعليق على الآية
(وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ ...) إلخ
روى الشيخان عن عائشة قالت «إن الآية (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) نزلت في وليّ اليتيم إذا كان فقيرا أن يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف» (١) وليس في الحديث إشارة إلى مناسبة معيّنة ، وإنما فيه توضيح لمدى الآية. وهو ظاهر من نصّها. وهناك رواية (٢) تذكر أنها نزلت في مناسبة استفتاء شخص من النبي صلىاللهعليهوسلم عما يحقّ له من مال ابن أخيه اليتيم الذي تحت يده ومتى يدفعه إليه. والرواية وإن كانت لم ترد في الصحاح فإنها محتملة الصحة. ولكن المتبادر من روح الآية ونصّها أنها بسبيل تشريع أساسي وعام في صدد أموال اليتامى في حال صغرهم وفي حال بلوغهم سنّ الحلم والرشد. وهي من هذه الناحية متصلة نوعا ما بالآيات السابقة سياقا وموضوعا. وقد يكون استفتاء العمّ قد جاء وسيلة إلى ذلك.
ولقد احتوت الآية وسيلتين متلازمتين للاستيثاق من قابلية اليتيم أولاهما بلوغه سنّ النكاح أي سنّ الاحتلام والقدرة الجنسية ، وثانيتهما ثبوت رشده في التصرف. أي أنه لا يكفي لدفع مال اليتيم إليه أن يبلغ سنّ الحلم بل ينبغي أن يثبت رشده أيضا. وهذا يستتبع القول فيما يتبادر لنا إنه إذا لم يثبت رشده بعد بلوغه سنّ الحلم يدخل في حكم الآية السابقة فيعتبر سفيها ويظل محجورا عليه ويدبر ماله من قبل الولي أو الوصي وينفق عليه منه إلى أن يثبت رشده.
والمتبادر من روح الآية والرواية ثم من روح الآيات المكية والمدنية عامة
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٨٠.
(٢) انظر تفسير الخازن.