يستحلون أموال غيرهم وخيانتهم والاحتيال عليهم. وهو ما تفيده جملة (وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) ولقد حكت بعض أسفارهم أن الله وصّاهم بعدم هضم الغريب وظلمه ومضايقته (١) ولذلك استحكمت فيهم الفقرة الأخيرة من الآية [٧٥] من سورة آل عمران (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
وقد يرد أن اليهود إنما نهوا في أسفارهم عن أخذ الربا من أقاربهم دون الأجانب (٢). وما دام القرآن يحكي عنهم أنهم كانوا يأخذون الربا الذي نهوا عنه فيكونون إما أنهم تجاوزوا ما أمروا به فصاروا يأخذون الربا من أقاربهم وإما أن وصية الله لهم هي عدم أخذ الربا من أحد ما فحرفوا كتبهم ليستحلوا أخذ الربا من غيرهم. وهناك نصوص عديدة في أسفار العهد القديم فيها ذمّ مطلق للربا والمرابين حيث يكون في ذلك تأييد لكون الربا كان محرما عليهم مطلقا فاستحلّوه (٣).
وجملتا (وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) و (وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يمكن أن تكونا بالنسبة لسابق تاريخ اليهود على ما حكته عنهم أسفار عديدة من أسفارهم ويمكن أن تكونا بالنسبة لعهد النبي صلىاللهعليهوسلم حيث حكت ذلك عنهم آيات قرآنية عديدة منها ما جاء في سورتي البقرة وآل عمران اللتين مرّ تفسيرهما. ومنها في ما جاء في آيات في سورتي المائدة والتوبة مثل الآيات [٤٢ و ٦٢] في المائدة و [٣٤] في التوبة.
هذا ، والآيات في جملتها تدل على أنها نزلت في ظرف كان فريق من اليهود فيه ما زال موجودا في المدينة وكان على شيء من القوة والاعتداد حتى يستطيع أن يجادل ويتحدى. وبعبارة ثانية تدل على أنها نزلت في وقت مبكر. وقبل التنكيل ببني قريظة الذي مرت حكايته في سورة الأحزاب على كل حال كما هو الأمر بالنسبة للآيات [٤٤ ـ ٥٦] والآيات [١٣٩ ـ ١٤٣] من هذه السورة على ما نبهنا عليه من قبل.
__________________
(١) انظر الإصحاحات ٢٢ و ٢٣ من سفر الخروج و ١٩ من سفر الأحبار و ١٠ من سفر التثنية.
(٢) انظر الإصحاحات ٢٢ من سفر الخروج و ٢٣ من سفر التثنية.
(٣) انظر الإصحاح ١٤ من المزامير و ٢٨ من الأمثال و ١٨ من حزقيل.