هذا ولقد روى الطبري وغيره روايات عديدة من طرق مختلفة في صيغ متقاربة تفيد أن الآية التي نحن في صددها آخر آية نزلت من القرآن. وقد روى الشيخان والترمذي صيغة من هذه الرواية عن البراء قال «آخر سورة نزلت براءة وآخر آية نزلت (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ)» (١) هذا مع التنبيه على أن هناك حديثا يرويه البخاري عن ابن عباس جاء فيه «آخر آية نزلت على النبي آية الربا» (٢) ومهما يكن من أمر فالذي يتبادر لنا أن الآية التي نحن في صددها من أواخر ما نزل من آيات القرآن إن لم تكن آخرها. وقد يكون وضعها في آخر سورة النساء دون أن يكون لها أي صلة بالآيات السابقة لها دليلا قويا على ذلك. ثم على أن الآية نزلت بعد أن تمّ ترتيب وتأليف هذه السورة وعلى أن ذلك كان بأمر النبي صلىاللهعليهوسلم وبالتالي على صحة ما ورد من آثار وأقوال بأن آيات السور القرآنية قد رتبت في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم وبأمره. لأنه لو كان جرى ذلك بعده اجتهادا من أصحاب رسول الله كما يقول بعضهم لكان من المعقول أن توضع الآية في سياق آيات المواريث أو بعدها بقليل.
وننبه على أن هناك أحاديث صحيحة تذكر أن آخر سورة نزلت هي سورة براءة أو سورة النصر ولا نرى تعارضا. فالأحاديث السابقة هي في صدد نزول آيات وهذه في صدد نزول سور وسوف نزيد هذا شرحا في مناسباته إن شاء الله.
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٨٩.
(٢) المصدر نفسه ص ٦٢ والمقصود من آية الربا هي على الأرجح آيات سورة البقرة [٢٧٥ ـ ٢٨٠] وقد نبهنا على ذلك في مناسباته السابقة.