في الآية أمر للنبي صلىاللهعليهوسلم بالإيعاز للمؤمنين من الرجال بغض أبصارهم وحفظ فروجهم لأن ذلك أدعى إلى الطهارة والصيانة. وتنبيه إلى أن الله خبير بما يفعلونه وهو مراقبهم وذلك بسبيل توطيد الأمر وتنفيذه.
تعليق على الآية
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)
ولم نطلع على مناسبة خاصة لهذه الآية. ومع أنها فصل جديد أو بداية فصل جديد فإن الصلة الموضوعية ملموحة بينها وبين الفصل السابق. فإذا لم تكن نزلت بعده فيكون ترتيبها في مكانها بسبب هذه الصلة كما هو المتبادر.
ومما قاله المفسرون في صدد ما احتوته الآية من الأمر بغض الأبصار وحفظ الفروج أنه عدم التعمد في النظر إلى النساء وصرف البصر عنهن إذا وقع عليهن بدون عمد. والتعفف عن الزنا وعدم التبذل في الثياب بحيث تظهر من ذلك العورات. وعدم النظر إلى العورات في الوقت نفسه. وقد أوردوا أحاديث عديدة في ذلك منها حديث عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رواه الترمذي قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعليّ ، يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنّ لك الأولى وليس لك الآخرة» (١). ومنها حديث رواه البغوي عن جرير بن عبد الله قال «سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن النظرة الفجأة فقال اصرف بعدها بصرك». ومنها حديث عن أبي سعيد الخدري قال «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد» (٢).
__________________
(١) ابن كثير.
(٢) البغوي. وبديهي أن النهي يكون أولى وأشدّ عن نظر الرجل إلى عورة المرأة وعن نظر المرأة إلى عورة الرجل وعن إفضاء الرجل بثوب إلى المرأة وإفضاء المرأة بثوب إلى الرجل وعورة الرجل هي ما دون السرة وفوق الركبة كما جاء في حديث نبوي رواه أبو داود والبيهقي. وعورة المرأة جميع جسدها عدا وجهها ويديها. انظر تفسير الآية والآيات التالية في ابن كثير والخازن وانظر التاج ج ١ ص ١٣٩.