ولقد كان ما أورده بعض المفسرين في سياق الآيات التي نحن في صددها من أن الله قد كافأ أهل الحديبية بغنائم خيبر وعوّضهم بها عما لقوه من جهد ومنوا به من خيبة أمل في الزيارة وسيلة لجعل بعض الأغيار يقولون إن زحف النبي صلىاللهعليهوسلم على خيبر لم يكن له أي سبب مبرر إلّا رغبة مكافأة أهل الحديبية وتطييب خاطرهم. مع أنه ليس هناك كما قلنا قبل رواية تذكر أن الذين خرجوا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى خيبر كانوا هم أهل الحديبية فقط. ومع أن ما أوردناه من بيانات يدحض هذا الزعم أقوى دحض ويبرز الأسباب المبررة القوية للزحف. ونقول من باب المساجلة إن ما أورده كتّاب السيرة والمؤرخون القدماء قد أورد على سجيته ولم يكن هناك حينئذ قضية مثل القضية التي يثيرها الأغيار اليوم حتى يكون اختراعا بقصد التبرير والدفاع وفي ما أورده الرواة من الأسباب القوية المبررة للزحف ردّ حاسم أيضا. وما قاله بعض المفسرين لا يصحّ أن يغطي على ما أورد من الأسباب المبررة القوية أو يتخذ بديلا أو تكأة. وليس ما قالوه بعد واردا في كتب الحديث الصحيح ولا مستندا إلى أسناد وثيقة.
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠) وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢١)) [٢٠ ـ ٢١].
تعليق على الآية
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ)
والآية التالية لها
المتبادر أن الآيتين متصلتان بالآيات السابقة وبخاصة بالآيتين اللتين قبلهما مباشرة اتصال التفات وتعقيب. فالسابقتان وجهتا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم على سبيل التنويه بالذين بايعوا تحت الشجرة وتبشيرهم وتطمينهم. وهاتان وجهتا إلى المبايعين