كانت في الحولين تحرم) ولا يروي الإمام مالك ما رواه البخاري وغيره من أصحاب الكتب الخمسة وأوردناه آنفا عن النبي صلىاللهعليهوسلم ولا ندري إذا كانت لم تبلغه أو لم تثبت عنده وعند سعيد وابن شهاب. وما دامت هذه الأحاديث واردة في كتب الصحاح فهي الأكثر وثاقة ولزوما وما فيها هو الأسدّ والأوجه في الوقت نفسه والله تعالى أعلم.
وقد تعددت أقوال المفسرين ورواياتهم في تأويل جملة (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) بعد جملة (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) (١) منها أنها في صدد إباحة التزوج بسبايا الأعداء اللاتي يكون لهن أزواج أو وطئهن كإماء. حيث يكون السبي قد جعلهن ملك يمين المسلمين وأحلّ لهم وطئهن رغم كونهن ذوات أزواج ، وقد رووا في صدد ذلك عن أبي سعيد الخدري «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث جيشا إلى أوطاس فأصابوا سبيا لهن أزواج من المشركين فكرهوا غشيانهن فأنزل الله هذه الآية بإباحتهن» (٢) ومنها أنها في صدد الأمة التي تكون مستفرشة من سيدها فيبيعها أو يهبها لغيره حيث تضمنت الجملة على رأي أصحاب هذا القول إباحة استفراشها من سيدها الجديد أيضا. ومنها أن الجملة في صدد إباحة استفراش الإماء من قبل مالكيهن بدون تحديد ، بالإضافة إلى أربع زوجات شرعيات ، واعتبار ذلك غير مقيد بما قيد به الزواج من عدد ومهر إلخ.
وقد يكون القول الأول هو الأكثر اتساقا مع مقام الجملة. غير أن الجملة جزء من آية والآية جزء من سياق بحيث يسوغ التوقف في التسليم بنزول الجملة لحدتها حسب الرواية المروية عن أبي سعيد الخدري. ولعل حادث جيش أوطاس كان سابقا لنزول الآيات فأباح النبي صلىاللهعليهوسلم للمجاهدين وطء سبايا المشركين ثم أيد القرآن ما أباحه النبي صلىاللهعليهوسلم في سياق بيان الحلال والحرام من الأنكحة.
__________________
(١) انظر تفسيرها في ابن كثير والخازن والطبرسي والبغوي.
(٢) أورد هذا الحديث ابن كثير والخازن ورواه الترمذي وأبو داود أيضا. انظر التاج ج ٤ ص ٨١ في فصل التفسير.