وننبه في هذه المناسبة على أن وطء المسبية والأمة التي يبيعها سيدها أو يهبها وتكون مستفرشة له قبل بيعها لا يجوز إلّا بعد استبراء رحمها. وقد روي أن المسلمين أخذوا يقعون على سبايا خيبر فأرسل النبي مناديا ينادي «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعن على امرأة من السبي حتى يستبرئها» (١) وهناك حديث رواه أبو داود والترمذي أيضا عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «لا يحلّ لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها بحيضة» (٢). وواضح من إطلاق الآية والأحاديث أن المسلم يستطيع أن يستفرش أمته سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة إطلاقا وهو ما عليه الجمهور دون خلاف. أما آية البقرة [٢٢٠] التي نهي فيها عن نكاح المشركات فهي في صدد التزوج بهن بعقد على ما نبهنا عليه في مناسبتها.
ومما نبّه عليه المفسرون (٣) وأهل التأويل في هذا الصدد أن سيد الأمة حينما يهبها أو يبيعها تخرج من نطاق ملك يمينه فلا تعود تحل له وهي في ملك غيره إلّا إذا اشتراها ثانية أو وهبت له. وإلّا إذا تزوجها بعقد مما أباحته آية تأتي بعد قليل.
وهذا سديد وجيه. وننبه على أن بيع الأمة وهبتها يسوغان إذا لم تلد من سيدها فإذا ولدت صارت أم ولد ولم يعد يسوغ بيعها وهبتها وتصبح بعد موت سيدها حرة.
ونذكر بهذه المناسبة بالتعليق الذي علقناه على هذا الموضوع في سياق الآيات الأولى من سورة المؤمنون لأن فيه بعض البيان الذي يحسن ملاحظته حين قراءة هذا الكلام.
واستثناء ما قد سلف من حالة جمع الأختين هو مثل استثناء حالة زواج الابن من زوجة والده لتسوية النتائج الطبيعية تسوية حقوقية وشرعية كما قلنا في صدد استثناء الحالة الثانية.
__________________
(١) ابن سعد ج ٣ ص ١٦١.
(٢) التاج ج ٢ ص ٣١٦.
(٣) انظر كتب التفسير السابقة الذكر.