العامة غير الشخصية والفردية. والله تعالى أعلم.
والكلام دار حول توبة المحارب الساعي في الفساد قبل القدرة عليه. والقدرة عليه تعني اعتقاله وأسره حيا ، فإذا ما تمّ ذلك صار موضع تطبيق العقوبات الواردة في الآية الأولى إذا كان مسلما. أما إذا كان كافرا فالذي يتبادر لنا أنه يكون موضع تطبيق العقوبات المذكورة إذا ارتكب جرائم إرهابية فوق العادة ضد المسلمين من نوع ما ذكره المفسرون. أما إذا كان عدوا عاديا وكان كل أمره أنه اشترك في عداء وقتال ضد المسلمين ثم وقع في الأسر فإنه يكون موضوع تطبيق حكم الأسر على ما شرحناه في سياق سورة محمد فإما أن يقتل وإما أن يسترق وإما أن يمنّ عليه بدون فداء أو يطلق سراحه بفداء حسب ما تقتضيه الظروف والمصلحة والأحداث ، والله تعالى أعلم.
هذا ، وهناك خلاف بين المؤولين والفقهاء على ما ذكره الطبري وغيره في ترتيب إيقاع العقوبات المذكورة في الآية الأولى في حال القدرة على المحارب قبل توبته ناتج عن اختلافهم في مدى حرف (أو) في الآية حيث قال بعضهم إن الحرف للتخيير وإن للإمام أن يعاقب المحارب بأية عقوبة من العقوبات المذكورة في الآية. وحيث قال بعضهم إن الحرف للبيان وإن العقوبات إنما تكون حسب الجرائم فمن قتل ولم يأخذ مالا قتل. ومن قتل وأخذ مالا قطعت يده ورجله من خلاف (أي اليد اليمنى والرجل اليسرى) ثم قتل أو صلب. ومن حارب ولم يقتل ولم يأخذ مالا نفي. وقد قال الطبري الذي أورد هذه الأقوال إن أولاها بالصواب من أوجب على المحارب العقوبة على قدر استحقاقه وجعل الحكم مختلفا باختلاف الأفعال. وقد ردّ على من قال إن (أو) للتخيير بكلام طويل وأيد كونه للبيان. وأورد سبيل تأييد تصويبه الحديث النبوي الشريف الذي رواه الخمسة وجاء فيه «لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلّا الله إلّا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس والثيّب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة» (١). ثم قال فإما أن يقتل
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ٢٧.