ويلوح أن ابن كثير قد أورد الأحاديث على اعتبار انطباق الآية على المسلمين. ومع ذلك فإنه يلوح أنها إنما تصحّ أن تساق في معرض ذنوب يقترفها مسلم ما في حالة اعتيادية وليس في حالة توصف بأنها محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض فسادا. وقد يكون حينئذ من حكمتها تطمين المؤمن الصادق في إيمانه مع بثّ الخوف والرجاء في نفسه. أما على اعتبار أن الآية في صدد الكافر وبخاصة الكافر المحارب فليست الأحاديث موضع تطبيق كما هو المتبادر. فالذي يموت كافرا مخلّد في النار. حتى ولو لم يرتكب جرائم أخرى كما هو مقرر في الآيات القرآنية العديدة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧)) [٣٥ ـ ٣٧].
(١) ابتغوا إليه الوسيلة : تحرّوا وافعلوا كلّ ما يكون فيه رضاء الله والقربى إليه.
تعليق على الآية
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ...) إلخ
والآيتين التاليتين لها. وبحث في التوسل والأحاديث
الواردة في معنى الوسيلة الأخروي
عبارة الآيات واضحة. وقد وجّه الخطاب فيها إلى المؤمنين حاثّا إياهم :
(أولا) على تقوى الله وتحرّي كل ما فيه رضاؤه والقربى إليه والجهاد في سبيله.
ومبينا لهم (ثانيا) أن في ذلك فلاحهم وسعادتهم. ومنبها إياهم (ثالثا) إلى هول