اقطعوا يدها اليمنى فقالت المرأة هل من توبة؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فأنزل الله (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ).
والذي يتبادر لنا أن للآيات صلة بالسياق السابق. فقد احتوت الآية [٣٢] حكما تشريعيا في حقّ من يحارب الله ورسوله ويسعى في الأرض فسادا. وكان ذلك في ظرف ارتداد بعض البدو ونهبهم لذود الإبل الذي منحهم إياه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقتلهم الرعاة فجاءت هذه الآيات لتستطرد إلى تشريع حدّ السرقة العادية ليكون الفرق واضحا بين عقوبة السرقة العادية التي تقع خفية وخلسة وبدون عنف ودم وبين تلك الجرائم التي تكون عادة مترافقة مع العنف والدم.
ونرجح أن الآيات الثلاث نزلت معا. وأن الإيذان بقبول توبة السارق قد جاء ليتساوق مع الإيذان بقبول توبة المحارب في الآيات السابقة. ومن المحتمل أن تكون المرأة السارقة سألت عن إمكان التوبة فتليت عليها الآية فالتبس ذلك على الرواة والله أعلم.
وحدّ السرقة من الحدود القليلة المعينة في القرآن لبعض الجرائم المهمة. وجريمة السرقة اعتبرت دائما وفي جميع المجتمعات والظروف من الجرائم المهمة لأن فيها عدوانا على أموال الغير التي تشغل في المجتمع مقاما رئيسيا بعد مقام الحياة والأعراض والسلامة العامة. فلا غرو أن يرتّب القرآن عليها حدّا كما رتّب على القتل والزنا والفساد في الأرض. ولا غرو أن اشتد في عقوبتها لتكون متكافئة مع خطورتها.
ولقد أثر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أحاديث فيها دلالة على تشدده في موضوع السرقة وإقامة حدّها. منها حديث عن عائشة جاء فيه «أن قريشا أهمّهم شأن المرأة التي سرقت في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم في غزوة الفتح ، فقالوا من يكلّم فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا ومن يجترىء عليه إلّا أسامة بن زيد حبّ رسول الله فأتى بها رسول الله فكلّمه فيها أسامة ، فتلوّن وجه رسول الله فقال أتشفع في حدّ من حدود الله