(٤) وأمر لهم بالتعاون والتضامن فيما فيه برّ وتقوى ونهي عن التعاون على الإثم والعدوان.
وانتهت الآية بأمرهم بتقوى الله وتنبيههم إلى أن الله شديد العقاب تنبيها ينطوي فيه إنذار لمن يخرق حرماته ويتجاوز أوامره ونواهيه وأحكامه.
ولقد تعددت الأقوال التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل في معنى (شَعائِرَ اللهِ) وفي معنى (الْقَلائِدَ) فمما رووه عن معنى الأولى أنها حدود الله ونواهيه أو أنها مناسك الحج وحرماته عامة. أو أنها الهدي المنذر للتضحية من الأنعام المشعر أي الذي يعلم بجرح لإسالة دمه حتى يحترمه الناس ولا يعتدوا عليه. ومما رووه عن معنى الثانية أنها الهدي المنذور للتضحية من الأنعام الذي يوضع في رقابه قلائد من الخيطان أو لحاء الشجر أو ورقه لمنع الاعتداء عليه أو أنه الحجاج الذين كانوا يضعون مثل هذه القلائد في رقابهم ليمنعوا عن أنفسهم العدوان أو أن التعبير قد شملهم. وكل هذه المعاني واردة بالنسبة للكلمتين وإن كنّا نرجح أنهما عنتا في الدرجة الأولى الأنعام المقلّدة بالقلائد المشعرة بالدم بالإضافة إلى ما في الآيات من استحلال الهدي بصورة عامة لأن في الآيات نهيا عن العدوان على الحجاج والتعاون على الإثم والعدوان وعدم إحلال الشهر الحرم. وفي الآية الأولى أمر بالوفاء بالعهود. وكل هذا يمكن أن يدخل في معنى حدود أوامر الله ونواهيه ومناسك الحج أيضا والله تعالى أعلم.
تعليق على الآيتين الأوليين من السورة
ودلالات عباراتهما وما فيهما من أحكام وتلقين وصور
لم يرو المفسرون مناسبة لنزول الآية الأولى. وقد تعددت أقوالهم في دلالات عباراتها.
فأولا : روى الطبري عن ابن عباس أن العقود التي أمرت الفقرة الأولى منها هي عقود الله التي أوجبها على المسلمين فيما أحلّ وحرّم وفرض وبيّن من حدود.