تعليق على الآية
(وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ)
والآية التالية لها وما ينطوي فيهما من أحكام
عبارة الآيتين واضحة. وقد احتوتا :
(١) تقريرا بأن الله قد أرسل بعد أنبياء اليهود وتوراتهم عيسى ابن مريم مصدقا ومؤيدا للتوراة وآتاه الإنجيل أيضا. وفيه هو الآخر نور وهدى وموعظة لمن يخشى الله ويتقيه ومصدق وموقت في الوقت نفسه للتوراة التي نزلت قبله.
(٢) وإيجابا على أهل الإنجيل بأن يحكموا بما أنزل الله فيه وإنذارا بأن من لم يحكم كذلك فهو فاسق خارج عن أمر الله.
ولم نطلع على رواية في سبب نزول الآيتين. والمتبادر أنهما جاءتا في مقام الاستطراد حيث اقتضت حكمة التنزيل الاستطراد إلى ذكر عيسى عليهالسلام وإنجيله بعد ذكر التوراة وأنبياء بني إسرائيل وإيجاب الحكم بالإنجيل على النصارى بعد إيجاب الحكم بالتوراة على اليهود. والمتبادر تبعا لذلك أن تكون الآيتان نزلتا عقب الآيات السابقة لها مباشرة. والله أعلم.
وجملة (وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) تعني آثار النبيين المذكورين في الآية [٤٤] وهذا يعني أن المقصود بكلمة النبيين هم أنبياء بني إسرائيل ويؤيد ما قلناه قبل في سياق شرح هذه الآية.
وجملة (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ) قوية التأييد للرأي الثاني الذي وجهناه في الفقرة الخامسة في سياق الآيات السابقة وعدم صحة قاعدة (شرع من قبلنا شرع لنا) كما هو المتبادر.
ولقد قرئت اللام في كلمة (وَلْيَحْكُمْ) بالسكون على معنى الأمر ، كما قرئت بالكسر بمعنى (كي يحكم). وكلتا القراءتين صحيحة المعنى في مقامها. غير أن جملة (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أولا والآية [٦٨] من