ورابعا : قد هتفت بالمخاطبين ليتسابقوا بناء على ذلك في الخيرات والفضائل. فإن مرجعهم إلى الله عزوجل. وسوف ينبئهم بما كانوا فيه يختلفون فيظهر المحقّ من المبطل والمهتدي من الضالّ.
وخامسا : قد عادت فأمرت النبي ثانية بأن يحكم بينهم بما أنزل الله وبأن لا يسايرهم ولا يتبع أهواءهم وميولهم وبأن يكون على حذر من تدليسهم فلا يفتنوه ولا يجعلوه ينحرف عن بعض ما أنزل الله ويتساهل معهم.
وسادسا : قد أهابت به بأن لا يحزن ولا يعبأ بهم إن هم أعرضوا عن قبول حكمه وفق ما أنزل الله. فإن إعراضهم ناشىء عما في نفوسهم من خبث ودنس قضت إرادة الله بأن يعذبهم عليه. فكثير من الناس فاسقون وخارجون عن أمر الله وحكمه. وهم من الجملة فلا موجب للحزن والاغتمام.
وسابعا : قد تساءلت تساؤلا إنكاريا فيه معنى التنديد عما إذا كانوا يبغون أن يحكم النبي بينهم بحكم الجاهلية وعرفها ويدع حكم الله.
تعليق على الآية
(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ)
والآيتين التاليتين لها وما فيها من تلقين
وأحكام وما ينطوي في جملة (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ)
من ضابط للعقيدة الإسلامية بالنسبة للكتب السماوية
ولقد روى المفسرون (١) أن الآية الثانية نزلت في جماعة من زعماء اليهود وأحبارهم جاءوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا له إننا أشراف قومنا وأحبارهم وبيننا وبين بعض قومنا خصومات ونريد أن نتحاكم إليك فإذا قضيت لنا عليهم آمنّا بك وصدقناك ، وإذا فعلنا ذلك تابعنا قومنا ، فنزلت الآية. ورووا أن الآية الثالثة نزلت في مناسبة طلب يهود بني النضير من النبي صلىاللهعليهوسلم أن يحكم لهم بدية مضاعفة لقتلاهم
__________________
(١) انظر الطبري والبغوي والخازن وابن كثير.