باشره النبي بإلهام أو وحي قرآني وصار له به سلطان زمني بالإضافة إلى مهمة التبليغ عن الله. ولا يعني هذا أنه صار له على قلوب الناس وأفعالهم سيطرة مانعة لهم من أي فعل وتفكير. فقد كان وظلّ يقوم بتبليغ ما أمره الله به لهم ويعمل فيهم في نطاق ذلك. وما كان يبقى في حيز تفكيرهم رفع عنهم إثمه لأن الله قرر (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) كما جاء في الآية [٢٨٦] من سورة البقرة وفي نطاق شرحنا لها. وما كانوا يفعلونه إن كان حلالا ومباحا أقرّهم عليه. وإن كان بغيا وعدوانا أقام عليهم فيه أحكام الله في نطاق تبليغاته ووحيه وإلهامه. والله تعالى أعلم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْها وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١) قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (١٠٢)) [١٠١ ـ ١٠٢].
تعليق على الآية
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ...) إلخ
وما فيها من تلقين وما ورد في صددها من أحاديث
عبارة الآية واضحة. وقد تضمنت :
(١) نهيا للمسلمين عن سؤال النبي صلىاللهعليهوسلم عن أمور بدون مناسبة وضرورة.
(٢) وتعليلا للنهي بأنهم قد يجابون إجابة فيها ما يكرهون أو يسيئهم بشدته ومشقته.
(٣) وتنبيها تدعيميّا للنهي والتعليل. فقد كان بعض من سبقهم يسألون أنبياءهم مثل هذه الأسئلة فكانت أجوبتها سببا لجحودهم وتمرّدهم.
(٤) وإيعازا لهم بأنهم إذا كانوا يودّون السؤال عن شيء فليسألوا عنه حين ينزل قرآن فيه مناسبة لذلك. فهذا هو ما يصحّ وما يحسن أن يسألوا عنه بدون حرج