وإخوتها وابنيها في وقعة بدر (١). وقد عرفها النبي صلىاللهعليهوسلم مع ذلك فدعاها باسمها فأتت فأخذت بيده فعاذت به وقالت عفا الله عما سلف يا رسول الله فصرف وجهه عنها. ولما لقن النساء (وَلا يَسْرِقْنَ) قالت والله إني لأصيب من أبي سفيان الهنات ما أدري أيحلّهن لي أم لا قال أبو سفيان ما أصبت من شيء مضى أو قد بقي فهو لك حلال فضحك رسول الله. ولما لقنهن (وَلا يَزْنِينَ) قالت يا رسول الله وهل تزني الحرة؟ قال لا والله ما تزني الحرة. ولما لقنهن (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ ...) إلخ. قالت والله إن البهتان لقبيح وما تأمرنا إلّا بالرشد ومكارم الأخلاق ، ولما لقنهن (وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ) قالت ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا فأنت وهم أبصر. وضحك عمر حتى استلقى على قفاه وتبسّم النبي صلىاللهعليهوسلم. ولما لقنهن (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) قالت ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء.
وروايات مبايعة النبي صلىاللهعليهوسلم النساء بهذه الصيغة معقولة بالنسبة إلى ما بعد نزولها سواء أكان ذلك ممن كن يأتين مؤمنات مهاجرات قبل الفتح ويدعين الإسلام أم كان ذلك من نساء قريش عقب الفتح. أما روايات أخذ البيعة بنفس الصيغة قبيل هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة وعقب هجرته إليها ففيها نظر إلّا أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم قد ألهم الصيغة قبل أن ينزل بها الوحي قرآنا. وفي هذا إذا صحت الروايات مشهد من مشاهد التوافق بين أقوال النبي صلىاللهعليهوسلم الملهمة وبين الوحي القرآني (٢).
والنهي عن قتل الأولاد متصل بعادة وأد البنات على ما ذكره المفسرون. وقد كان النساء إلى ذلك إذا ما ولدن بنتا يخنقنها حال ولادتها سخطا وكراهية ولادة
__________________
(١) انظر ابن هشام ج ٣ ص ٤١ ، وج ٢ ص ٢٥١ وما بعدها.
(٢) هناك حديث عن عبادة بن الصامت رواه الشيخان والترمذي والنسائي جاء فيه : «كنّا مع النبي صلىاللهعليهوسلم في مجلس فقال تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلّا بالحق فمن وفى منكم فأجره على الله». انظر التاج ج ٣ ص ٣٤. وعبادة بن الصامت من الذين بايعوا النبي قبيل هجرته إلى المدينة وعيّنه النبي نقيبا مع رفاق له على ما شرحناه في سياق [الآية : ٣٠] من سورة الأنفال. وهذا الحديث الصحيح قد يفيد أن هذه البيعة تمت بعد الهجرة النبوية. والله أعلم.