(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧)) [١٧].
عبارة الآية واضحة. وقد وجّه الخطاب فيها إلى مخاطبين قريبين لتلفت نظرهم إلى قدرة الله تعالى على إحياء الأرض حتى بعد موتها. وتنبههم إلى أنه تعالى إنما يضرب لهم الأمثال في آيات لعلّهم يدركون مغزاها ومرماها وينتفعون من عبرها ومواعظها.
ولا يروي المفسرون في نزول الآية رواية خاصة. والراجح أن الخطاب فيها موجّه إلى المخاطبين في الآيات التي قبلها وهم المؤمنون وأنها متصلة بهذه الآيات.
ولقد قال الزمخشري في تأويلها : قيل هذا تمثيل لأثر الذكر في القلوب وإنه يحييها كما يحيي الغيث الأرض. وروى الخازن عن ابن عباس في تأويلها قوله إن الله يلين القلوب بعد قسوتها فيجعلها لينة محببة ويحيي القلوب الميتة بالعلم والحكمة كما هو شأن المطر بالنسبة للأرض. وشيء من هذا قاله مفسرون آخرون. والمتبادر على ضوء هذا التأويل الوجيه أن في الآية معنى تعقيبيا على الآية السابقة لها مباشرة يهدف إلى فتح الأمل في الذين أوشكوا أن تقسو قلوبهم كما قست قلوب أهل الكفار من قبلهم برحمة الله ليتلاقوا أمرهم بالارعواء عن غفلتهم والاتعاظ بما أنزل الله لهم من الآيات البينات المبينات.
(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٩)) [١٨ ـ ١٩].
(١) المصدقين والمصدقات : المتصدقين والمتصدقات.
(٢) الصديقون : هناك من قال إن الكلمة تعني لغويا كثيري الصدق والتصديق. وأنها عنت السابقين الأولين لكثرة وشدة تصديقهم لرسول الله. وقد