وصف مريم بالصديقة في آية سورة المائدة [٧٥] وجاءت كلمة الصديقين في آية سورة النساء هذه : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) [٦٩]. وقد تكون الكلمة تعني طبقة استغرقت في طاعة الله فصارت ذات حظوة عنده بعد النبيّين. ومع ذلك فمجيئها بعد جملة : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) تعني أن المخلصين من هؤلاء هم الصديقون.
(٣) الشهداء : هناك من قال إن الكلمة عنت الذين قتلوا في سبيل الله. وهناك من قال إنها عنت الأنبياء والملائكة الذين يشهدون على الناس يوم القيامة. وهناك من قرأ : (الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ) كجملة واحدة وقال إنها تفيد أن كل مؤمن مخلص صديق شهيد. وهناك من قال إن كلّا منهما تعني فئة غير الأخرى وقد رجح الطبري هذا ، وترجيحه وجيه. ونرجح إلى هذا أنها عنت الذين قتلوا في سبيل الله.
تعليق على الآية
(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ ...) إلخ
والآية التي بعدها
عبارة الآيتين واضحة. وقد تضمنتا تنويها بالمتصدقين والمتصدقات الذين يبذلون أموالهم في سبيل الله ويقرضونه قرضا حسنا ووعدا بالأجر المضاعف الكريم لهم عند الله. ثم تنويها بالذين آمنوا بالله ورسوله حيث يستحقون بذلك اسم (الصديقين) وبالشهداء في سبيله الذين لهم الأجر والنور عند الله في حين تكون الجحيم عقابا ومصيرا للكافرين المكذبين.
ولا يروي المفسرون رواية في نزولها فيما اطلعنا عليه. وقد رأينا البغوي يروي عن الضحاك أحد علماء التابعين أن الآية الأولى عنت ثمانية نفر من الأمة سبقوا أهل الأرض في الإسلام وهم أبو بكر وعلي وزيد وعثمان وطلحة والزبير وسعد وحمزة وإن لهم تاسعا ألحقه الله بهم هو عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعا.