عبارة الآيتين واضحة كذلك. وقد تضمنتا :
(١) وصفا تقريريا للحياة الدنيا بالنسبة للبشر بكونها لعبا ولهوا وزينة وموضوع تفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد.
(٢) تمثل ذلك في حقيقته ونهايته كالماء الذي ينزل إلى الأرض فينبت به نبات رائع يسرّ به الزراع ثم يتعاظم ولكنه لا يلبث أن يصفرّ ويغدو حطاما مهشّما.
(٣) وتقريرا تنبيهيّا آخر ينطوي على الأمر الجد وهو أمر الآخرة حيث يلقى الناس فيها مصائرهم إما عذابا شديدا وإما غفرانا من الله ورضوانا وحينئذ يدركون أن الحياة الدنيا لم تكن إلا متاعا قصيرا لأمد ، خداع المظهر.
(٤) ودعوة تعقيبية على ذلك التقرير موجهة إلى المخاطبين بأن يسارعوا ـ والحالة هذه ـ إلى اصطناع الأسباب إلى غفران الله ورضوانه وجنّة عرضها كعرض السماء والأرض قد هيئت للذين يؤمنون بالله ورسله. وهذا من فضل الله الذي يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
تعليق على الآية
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ...) إلخ
والآية التالية لها وما فيهما من تلقين
لم نطلع على رواية خاصة في مناسبة نزول الآيتين. والمتبادر أنهما متصلتان أيضا بالآيات السابقة سياقا وهدفا وأن المخاطبين فيهما هم المسلمون. وظاهر من فحواهما وروحهما أنهما بسبيل الموعظة والحثّ على التسابق إلى نيل رضاء الله عزوجل بالبذل والإخلاص. والكفّ عن التقصير والتردد اللذين ندد بهما في الآيات السابقة.
ومع ما يلحظ من صلة الآيتين بالموقف الراهن في العهد النبوي حين نزولهما فإن إطلاق العبارة والنداء فيهما يجعلهما خطابا مستمر المدى لكل الناس ولكل المسلمين بخاصة في كل ظرف ومكان ليكون لهم بما فيهما من عظة وحث