وعقوبة على النكث. والدعوة إلى الإسلام تظل قائمة لكل الناس في كل وقت. وهدف الآية إعطاء فرصة لكافر ما ولكافر عدوّ بخاصة ليسمع كلام الله لعلّه يستجيب ويؤمن. والآية السابقة للآية تأمر بالكفّ عن قتال المشركين الناكثين الأعداء إذا ما تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة. والاستجابة للاستجارة وسيلة إلى ذلك. والله أعلم.
استطراد إلى مدى جملة
(كَلامَ اللهِ) ومسألة أزلية القرآن وحدوثه
ونرى أن نستطرد هنا بمناسبة جملة (كَلامَ اللهِ) في الآية إلى مدى هذه الجملة وما تفرع عنها من خلاف مذهبي فنقول إن هذه الجملة وردت في آيات أخرى مثل آية البقرة [٧٥] وآية سورة الفتح [١٥] غير أنها هنا عنت القرآن أكثر من هذه الآيات على الأرجح وعلى ما عليه جمهور المفسرين. ووصف القرآن بأنه (كَلامَ اللهِ) أدى إلى ذلك الخلاف حيث ذهب بعض علماء الكلام إلى أن الكلام الله متصل بذات الله وذات الله أزلية فيكون كلام الله أزليّا ، وما دام القرآن هو كلام الله فيكون بدوره أزليا. وحيث ذهب فريق آخر إلى كون القرآن ليس أزليا وإنما هو حادث. ولقد كان من جراء هذا الخلاف فتنة شديدة في زمن المأمون ثامن الخلفاء العباسيين وامتدت نحو عشرين عاما. واضطهد وعذّب فيها علماء كثيرون على رأسهم الإمام أحمد بن حنبل وكان أحيانا يشتبك أنصار هؤلاء وهؤلاء في نزاع دام تزهق فيه مئات الأرواح. ولقد كان المعتزلة الذين يسمون أهل العدل والتوحيد من القائلين بالقول الثاني. وكان لهم مركز الوجاهة والنفوذ عند المأمون وجعلوه يقنع بقولهم وأرادوه على حمل الإمام أحمد بن حنبل ومن يقول بقوله أي القول الأول أن يرجعوا عن قولهم ويقولوا بالقول الثاني فأبوا.
وهذه المسألة متفرعة عبر مسألة أعمّ. وهي الخلاف على صفات الله تعالى بين أهل السنة والجماعة الذين كان الإمام أحمد من رؤوسهم وبين المعتزلة.