معذبهم بأيديهم ومخزيهم وناصر المسلمين عليهم. وشاف بذلك صدور قوم منهم مغيظة محنقة مما بدا منهم نحوهم. وقد يكون هذا القتال وسيلة لهداية الله من شاء هدايته منهم وتوبته عليهم. وهو العليم بما في صدور الناس وطواياهم. الحكم الذي لا يكون في أوامره وتوجيهاته إلّا الحكمة والصواب.
(٣) وتنبيه بصيغة السؤال موجّه إلى المسلمين أيضا عمّا إذا كانوا يحسبون أنهم قد نالوا رضاء الله واستحقوا وعده لهم وانتهت متاعبهم بما جرى وما تمّ إلى الآن من أحداث في حين أن الله تعالى ما يزال يرى ضرورة لاختبارهم لتمييز المجاهدين المخلصين منهم الذين لم يتخذوا لهم وليا ولا معتمدا ولا بطانة غير الله ورسوله والمؤمنين ولم يجعلوا لغير هؤلاء شركة ودخلا في أنفسهم وقلوبهم.
تعليق على الآية
(أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ ...) والآيات الثلاث التي بعدها
وما فيها من تلقين وما ورد في صدد تأويلها من أقوال
ولم يرو المفسرون رواية خاصة في مناسبة نزول هذه الآيات. غير أن الأقوال التي رواها الطبري عن أهل التأويل من التابعين ومنهم السدي ومجاهد في المقصود فيها متعددة. حيث روي عن بعضهم أنها في صدد قريش والحثّ على قتالهم بعد أن نكثوا عهدهم في صلح الحديبية. كما روي عن بعض آخر أنها في صدد قتال الذين أعلنت البراءة منهم بسبب نقضهم وغدرهم وأمهلوا أربعة أشهر.
وصلة الآيات بما قبلها وثيقة حتى كأنها جزء منها واستمرار لها. وهذا يجعل القول إنها في صدد مشركي قريش محلّ تساؤل وتوقف. لأن الآيات نزلت بعد فتح مكة. وقد دخلت قريش في الإسلام وانتهوا من موقف الشرك والعداء. وقد يجعل القول الثاني هو الأوجه غير أن الوصف الذي انطوى في الآية الأولى يثير الحيرة. لأن وصف (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) ينطبق لأول وهلة على قريش. ولقد كان من الذين دخلوا في صلح الحديبية إلى جانب