تعليق خاص على الآية
(إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ ...) إلخ.
في هذه الآية إشارة خاطفة إلى حادث خروج النبي صلىاللهعليهوسلم مهاجرا من مكة إلى المدينة. وقد جاءت كما شرحناه قبل على سبيل التنديد بالمتثاقلين عن النفرة إلى الجهاد وتنبههم إلى أن الله كفيل بنصر رسوله إن لم ينصروه. وقد نصره من قبل حين أخرجه الكفار من مكة.
وهي الإشارة الوحيدة في القرآن الصريحة إلى هذا الحادث العظيم الذي كان له أعظم الأثر في الرسالة الإسلامية وأدى إلى اندحار الشرك وغدو كلمة الله هي العليا كما جاء في الآية.
ولقد أوردنا خلاصة ما روي في صدد هذا الحادث في سياق الآية [٣٠] من سورة الأنفال وأوردنا ما روي من أحاديث نبوية أيضا وعلقنا على كل ذلك بما يغني عن التكرار.
والآية لا تذكر اسم صاحب النبي صلىاللهعليهوسلم في الغار. ولكن التواتر الذي بلغ مبلغ اليقين أنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه حتى إن بعضهم قال بكفر من أنكر ذلك (١). ولقد روى الترمذي حديثا عن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال لأبي بكر أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار (٢). وهناك حديث رواه البخاري والترمذي عن أنس جاء فيه : «إن أبا بكر حدّثه. قال قلت للنبي صلىاللهعليهوسلم ونحن في الغار لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه. فقال يا أبا بكر ما ظنّك باثنين الله ثالثهما» (٣). حيث ينطوي في الحديثين الصحيحين أدلة نقلية على كون أبي بكر هو صاحب رسول الله في الغار.
وفي الآية صورة رائعة لعمق إيمان النبي واعتماده على الله تعالى وما انبثّ في نفسه نتيجة لذلك من رباطة جأش. وصورة رائعة لشدة إخلاص أبي بكر رضي
__________________
(١) انظر تفسير الآية في تفسير البغوي.
(٢) التاج ج ٣ ص ٢٧٦.
(٣) التاج ج ٤ ص ١١٧.