الذي أقاموه سيظل مظهرا للشك والنفاق الذي تمكن في قلوبهم إلى أن تنقطع هذه القلوب بالموت. وإن الله عليم بكل شيء ظاهر وخفي. حكيم يأمر بما فيه الصواب والحكمة.
تعليق على الآية
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً ...)
والآيات الثلاث التي بعدها وما فيها من صور وتلقين وما ورد
في صددها من روايات. وما احتواه الفصل الاستطرادي
من الصنوف الستة للمجتمع الإسلامي في أواخر العهد النبوي
ولقد روى الطبري (١) وغيره من المفسرين بيانات كثيرة عن ابن عباس وغيره من أهل التأويل من التابعين في صدد هذه الآيات يستفاد منها أن النبي صلىاللهعليهوسلم حينما قدم مكة إلى المدينة قضى أياما في ضاحية تعرف بقباء. فأنشأ أهلها مسجدا محل صلاة النبي وبإذن منه ليقيموا فيه صلاتهم العادية وبخاصة في الليالي وفي أوقات اشتداد البرد والحرّ وقد صلّى فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٢) وكان في الضاحية فريق من المنافقين روت بعض الروايات أنهم اثنا عشر شخصا وذكرت أسماءهم وذكر في بعضها أنهم من بني غنم بدون ذكر الأسماء والعدد. وكان يتردد عليهم شخص عرف بكرهه للنبي والإسلام وبمحاربته لهما اسمه أبو عامر من أهل المدينة أيضا. كان نبذ الشرك ووحّد ثم تنصّر وترهّب ولبس المسوح فعرف بالراهب كما عرف بالفاسق فلما قدم النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة قال له ما الذي جئت به؟ قال له جئت بالحنيفية دين إبراهيم فقال أنا عليها فقال له النبي إنك لست عليها فقال بلى ولكنك أنت أدخلت عليها ما ليس فيها ، فقال له ما فعلت وقد جئت بها بيضاء نقية فقال أبو عامر أمات الله الكاذب منّا طريدا شريدا وحيدا فقال النبي آمين فقال أبو عامر لا
__________________
(١) انظر أيضا البغوي والخازن وابن كثير والطبرسي.
(٢) هذا الخبر مذكور في حديث الهجرة الطويل الذي رواه البخاري عن عائشة وأوردناه في سياق تعليقنا على الآيات [٣٨ ـ ٤١] من هذه السورة.