في الآيتين :
١ ـ تطمين رباني بتوبة الله تعالى ورضائه عن النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ظرف عسير شاق حتى كاد يزيغ بعضهم فيه ويتورطون في موقف لا يرضاه الله. فثبتهم وتاب عليهم لأنه رؤوف رحيم بهم.
٢ ـ وتطمين رباني آخر بشمول توبة الله تعالى ورحمته أيضا للثلاثة المتخلفين عن رسول الله الذين استشعروا بخطئهم استشعارا جعل الأرض تضيق بهم على رحبها بل وجعل أنفسهم تضيق عليهم فلجأوا إلى الله ليعفو عنهم لأنهم تيقنوا أن لا ملجأ لهم ولا مفرّ منه إلا إليه فتاب عليهم. وهو التواب الرحيم.
تعليق على الآية
(لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ...)
والآية التالية لها.
وما روي في صددهما من روايات
وما انطوى فيهما من صور وتلقين
الآيتان تبدوان فصلا جديدا مع اتصالهما بموضوع غزوة تبوك. وفحواهما يلهم أنهما نزلتا بعد عودة النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين من تبوك وهو ما تفيده الروايات المروية في صددهما. والمتبادر أنهما نزلتا بعد الفصل السابق الذي رجحنا أنه نزل بعد العودة من تبوك فوضعتا بعده.
ولم يرو المفسرون حادثا معينا في صدد نزول الآية الأولى وإنما رووا وصفا لظروف غزوة تبوك وما كان فيها من شدة كادت قلوب فريق من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم تزيغ منها على حدّ التعبير القرآني. والمتبادر أن توبة الله المعلنة في هذه الآية هي متصلة بذلك (١). ووصف القرآن لها بيوم العسرة مؤيد لذلك حيث كانت عسرة من شدة الحرّ وعسرة من قلة الظهر والزاد والماء حتى كان الثلاثة والأربعة
__________________
(١) انظر تفسير الآيات في الطبري والبغوي وابن كثير والخازن والطبرسي.