دينه فيكون ذلك لهم فقه في الدين ويرون مكائد الأعداء فيكون ذلك موضوع إنذار وتحذير لقومهم حين رجوعهم إليهم. ومنها أنهم الذين يبقون حول رسول الله حيث يتفقهون بما يسمعون منه من قرآن وحكم وينذرون بذلك قوم الذين نفروا إلى الجهاد حين رجوعهم.
ويتبادر لنا على ضوء الشرح المعدل الذي نقدم والذي نرجو أن يكون فيه الصواب أن الجملة عائدة للطوائف التي أذن لها أن تنفر من كل فرقة وتفد إلى المدينة لتكون مع رسول الله مقيما أو مجاهدا فتتفقه بما تسمعه من قرآن وحكم وتنذر قومها بما تعلمته حين تعود إليهم والله أعلم.
والآية في حدّ ذاتها وبإطلاق عبارتها شاملة التعليم والتلقين لجميع المسلمين في مختلف ظروفهم. وفيها تعليم أسلوب من أساليب الاشتراك في الجهاد أو السعي للتفقه في الدين والوقوف على مقتضيات الأمور ـ حسب احتمال مضمون الآية ـ حيث أوجبت اشتراك جميع الفئات ، دون اشتراك جميع الأفراد. ولعلّ فيها إلهاما بالمناوبة في الاشتراك بين أفراد كل فئة فلا يتعطل الجهاد والسعي للتفقه ولا تتعطل مصالح الناس معا. وقد اعتبر بعضهم الآية مستندا لوصف فرض الجهاد بأنه فرض كفاية إذا قام به فريق سقط عن الباقين (١). وقد يكون هذا في محله إذا كان قيام فريق من المسلمين كافيا للحاجة وسادّا لها. أما في حالة الضرورة فإن هذا الفرض يكون فرض عين على كل قادر. وقد كتب على المؤمنين جميعا على ما انطوى في الآية [٢١٦] من سورة البقرة. فإذا لم يقم به حينما تدعو دواعيه من الفئات ما يسدّ الحاجة أثم القاعدون.
ولقد أورد البغوي وهو إمام محدث أيضا بعض الأحاديث النبوية في سياق تفسير هذه الآية وفي صدد ما احتوته من التفقه بالدين رأينا من المفيد نقلها عنه لأن فيها تعليما وتوجيها نبويين عظيمين في هذا الصدد لكل المسلمين في كل ظرف. منها حديث عن ابن عباس قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم من يرد الله به خيرا يفقّهه في
__________________
(١) انظر تفسير الآية في تفسير القاسمي عزوا للسيوطي.