ونصّ السورة وروحها يؤيدان ذلك على ما سوف يأتي شرحه. أما القول إنها مكيّة فهو غريب ينقضه نصّها وروحها والروايات الكثيرة الأخرى التي أوردناها.
وما قلناه من أن السورة هي آخر السور نزولا لا يعني أن لا يكون نزل بعدها قرآن. وكل ما هناك أنه لم ينزل سور جديدة تامة. وأن ما يحتمل أن يكون من قرآن قد نزل بعدها قد ألحق بسور أخرى بأمر النبي صلىاللهعليهوسلم والله أعلم.
وترجيح كون هذه السورة آخر السور نزولا وترجيح كون سورة الفاتحة أولى السور نزولا يدعمان بعضهما ويلهمان معجزة قرآنية ربانية. ففي سورة الفاتحة براعة استهلال للدعوة الإسلامية والقرآن وفي سورة النصر هتاف رباني بما تمّ من نصر الله للدعوة الإسلامية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (٣)) [١ الى ٣].
تعليق على آيات السورة
ومداها وما روي في صددها
عبارة الآيات واضحة. والخطاب فيها موجه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم على ما عليه الجمهور بدون خلاف. وقد ذكرنا ما ورد في صدد نزولها في المقدمة فلا ضرورة للإعادة.
وواجب التسبيح لله وحمده واستغفاره أصلي غير منوط بوقت. وليس الذي هنا بسبيل ذلك كما هو المتبادر وإنما هو على سبيل تلقين توكيد وجوبه إذا ما أتمّ الله على نبيه نعمته ويسّر له الفتح والنصر وأقبل الناس على دين الله أفواجا.
وكل هذا خطير يستوجب مضاعفة ذلك الواجب من دون ريب ، والآيات