أخرجهم من مصر وأرادهم على الدخول إلى الأرض المقدسة. وما كان من جبنهم وخوفهم من قوة سكانها وجبروتهم. وما كان من دعوة موسى عليهم. وقضاء الله عليهم بالتيه أربعين سنة. ووصفهم بالفاسقين. وعبارتها واضحة.
ولم نطلع على رواية في سبب نزول الآيات. والمتبادر أنها متصلة بالسياق السابق الاستطرادي. فقد ذكر فيه ما أخذه الله من مواثيق من اليهود والنصارى وما كان من نقضهم لها إجمالا. ثم أخذ يذكر فيه بعض بيانات متصلة بمعنى النقض والانحراف. وقد ذكر شذوذ النصارى في عقيدتهم بالمسيح. فجاء هذا الفصل ليذكر بعض مواقف بني إسرائيل وشذوذهم أيضا.
وهذه هي المرة الوحيدة التي يذكر فيها هذا الحادث في القرآن وهو مذكور في الإصحاحين الثالث عشر والرابع عشر من سفر العدد بشيء من التفصيل. وما ذكر هنا متطابق إجمالا لما ورد في هذا السفر. وقد جاء مقتضبا لأنه جاء في معرض التذكير والعظة وضرب المثل ولإبراز موقف الجبن والعناد والتعجيز الذي وقفه بنو إسرائيل من أمر الله ورسوله جريا على الأسلوب القصصي في القرآن.
وخلاصة ما جاء في الإصحاحين المذكورين أن الله أمر موسى بإرسال وفد فيه شخص من كلّ سبط من أسباط بني إسرائيل الاثني عشر ليتجسّس حالة الأرض المقدسة. فذهبوا وعادوا يقولون إنها أرض تدرّ لبنا وعسلا وحملوا معهم قطفا عظيما من العنب للدلالة على ذلك ثم قالوا ولكن سكانها أقوياء ومنهم عمالقة من جبابرة بني عناق. ومدنهم حصينة. وقد رأينا أنفسنا كالجراد أمامهم. ففزع بنو إسرائيل وهاجوا على موسى وقالوا لنقم علينا رئيسا ونعد إلى مصر. وانفرد عنهم يوشع وكالب من الوفد فحاولا أن يهوّنا الأمر على بني إسرائيل ويبثّا فيهم الشجاعة فسخطوا عليهما وكادوا أن يرجموهما. فغضب الربّ عليهم وأقسم أن لا يدخل الأرض المقدسة الرجال الموجودون وأن يميتهم في البرية باستثناء عبديه يوشع وكالب. وهكذا ظلوا يتيهون في صحراء سيناء وأطرافها إلى أن فني الذين تمردوا على أمر الله.