٥٨ ـ حديث المباهلة
وقدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفد نصارى نجران ، ستون راكبا ، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، فى الأربعة عشر منهم ثلاثة نفر إليهم يئول أمرهم : العاقب ، أمير القوم وذو رأيهم ، وصاحب مشورتهم ، والذى لا يصدرون إلا عن رأيه ، واسمه عبد المسيح ، والسيد ، ثمالهم (١) ، وصاحب رحلهم ومجتمعهم ، واسمه الأيهم ، وأبو حارثة بن علقمة ، أحد بنى بكر ابن وائل ، أسقفهم وحبرهم وإمامهم ، وصاحب مدارسهم.
وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ، ودرس كتبهم ، حتى حسن عمله فى دينهم ، فكانت ملوك الروم من النصرانية قد شرّفوه وموّلوه وأخدموه. وبنوا له الكنائس ، وبسطوا عليه الكرامات ، لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده فى دينهم.
فلما رجعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من نجران ، جلس أبو حارثة على بغلة له موجها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإلى جنبه أخ له ، يقال له : كرز بن علقمة ، فعثرت بغلة أبى حارثة ، فقال كرز : تعس الأبعد ، يريد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال له أبو حارثة : بل أنت تعست. فقال : ولم يا أخى؟ قال : والله إنه للنبى الذى كنا ننتظر. فقال له كرز : ما يمنعك منه وأنت تعلم هذا؟ قال : ما صنع بنا هؤلاء القوم ، شرّفونا وموّلونا وأكرمونا ، وقد أبوا إلا خلافه ، فلو فعلت نزعوا منا كل ما ترى. فأضمر عليها منه أخوه كرز بن علقمة ، حتى أسلم بعد ذلك.
ولما قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، فدخلوا عليه مسجده
__________________
(١) ثمال القوم ، ككتاب : غياثهم الذى يقوم بأمرهم.
(م ٨ ـ الموسوعة القرآنية ـ ج ١)