فلما قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، قال : ما أمرتكم بقتال فى الشهر الحرام ، فوقف العير والأسيرين ، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا. فلما قال ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم سقط فى أيدى القوم ، وظنوا أنهم قد هلكوا ، وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا. وقالت قريش : قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام ، وسفكوا فيه الدم ، وأخذوا فيه الأموال ، وأسروا فيه الرجال.
فلما أكثر الناس فى ذلك أنزل الله على رسوله صلىاللهعليهوسلم : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ).
فلما نزل القرآن بهذا الأمر ، وفرج الله تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الخوف ، قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم العير والأسيرين ، وبعثت إليه قريش فى فداء عثمان بن عبد الله ، والحكم بن كيسان ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا ـ يعنى : سعد بن أبى وقاص ، وعتبة بن غزوان ـ فإنا نخشاكم عليهما ، فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم. فقدم سعد وعتبة ، فأفداهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم منهم.
فأما الحكم بن كيسان فأسلم ، فحسن إسلامه ، وأقام عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا ، وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة ، فمات بها كافرا.
* * *
٦١ ـ غزوة بدر
ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سمع بأبى سفيان بن حرب مقبلا من