مكة ، فأغذّ السير سريعا ، إلى بلد يقال له : ساية ، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا فى رءوس الجبال ، فلما نزلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأخطأه من غرتهم ما أراد ، قال : لو أنا هبطنا عسفان ، لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة. فخرج فى مائتي راكب من أصحابه ، حتى نزل عسفان ، ثم بعث فارسين من أصحابه ، حتى بلغا كراع الغميم ، ثم كر ، وراح رسول الله صلىاللهعليهوسلم قافلا ، وهو يقول حين وجه راجعا : آئبون تائبون ، إن شاء الله ، لربنا حامدون ، أعوذ بالله من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر فى الأهل والمال.
* * *
٧٧ ـ غزوة ذى قرد
ثم قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، فلم يقم بها إلا ليال قلائل ، حتى أغار عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزارى ، فى خيل من غطفان ، على لقاح لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بالغابة ، وفيها رجل من بنى غفار وامرأة له ، فقتلوا الرجل ، واحتملوا المرأة فى اللقاح.
وكان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمى ، غدا يريد الغابة متوشحا قوسه ونبله ، ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله ، معه فرس له يقوده ، حتى إذا علا ثنية الوداع ، نظر إلى بعض خيولهم فأشرف فى ناحية سلع ، ثم صرخ : وا صباحاه! ثم خرج يشتد فى آثار القوم ، وكان مثل السبع ، حتى لحق بالقوم ، فجعل يردهم بالنبل ، ويقول إذا رمى : خذها وأنا ابن الأكوع ، فإذا وجهت الخيل نحوه ، انطلق هاربا ، ثم عارضهم ، فإذا أمكنه الرمى رمى ، ثم قال : خذها وأنا ابن الأكوع. وبلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم صياح ابن الأكوع ، فصرخ بالمدينة : الفزع الفزع! فترامت الخيول إلى رسول