وصاة (١) ليهدئه بأحسن ما يحمد من القول ، حتى إنه ليقول : انصرف يا أبا القاسم ، فو الله ما كنت جهولا.
فانصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حتى إذا كان الغد اجتمعوا فى الحجر ، فقال بعضهم لبعض ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه ، حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه.
فبينما هم فى ذلك طلع عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، وأحاطوا به يقولون : أنت الذى تقول كذا وكذا؟ ـ لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم ـ فيقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : نعم ، أنا الذى أقول ذلك.
فأخذ رجل منهم بمجمع ردائه. فقام أبو بكر رضى الله عنه دونه ، وهو يبكى ويقول : أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله؟ فانصرفوا عنه.
* * *
٣٠ ـ إسلام حمزة
ثم إن أبا جهل مر برسول الله صلىاللهعليهوسلم عند الصفا ، فآذاه وشتمه ، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره ، فلم يكلمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومولاة لعبد الله بن جدعان فى مسكن لها تسمع ذلك ، ثم انصرف عنه ، فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة فجلس معهم.
فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه أن أقبل متوشحا قوسه ، راجعا من صيد له ـ وكان صاحب صيد يخرج له ، وكان إذا رجع من صيده لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة ، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على
__________________
(١) الوصاة : الوصية.