فيها يقرؤها عليه. فلما سمعها منه عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليها يسمع منه. ثم انتهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى السجدة منها ، فسجد ، ثم قال : قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك.
فقام عتبة إلى أصحابه. فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذى ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال : ورائى أنى قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة ، يا معشر قريش ، أطيعونى واجعلوها بى ، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه ، فو الله ليكونن لقوله الذى سمعت منه نبأ عظيم ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزّه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به ، قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه. قال : هذا رأيى فيه ، فاصنعوا ما بدا لكم.
* * *
٣٢ ـ الرسول واشراف قومه
وجعل الإسلام يفشو بمكة فى قبائل قريش فى الرجال والنساء ، وقريش تحبس من قدرت على حبسه ، وتفتن من استطاعت فتنته من المسلمين ، فاجتمع أشراف قريش من كل قبيلة بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ، ثم قال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه. فبعثوا إليه : إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فأتهم.
فجاءهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم سريعا ، وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلمهم فيه رأى ، وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ، حتى جلس إليهم. فقالوا له : يا محمد ، إنا قد بعثنا إليك لنكلمك ، وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك ، وما بقى أمر قبيح إلا قد