الحبشة إسلام أهل مكة ، فأقبلوا لما بلغهم من ذلك ، حتى إذا دنوا من مكة بلغهم أن ما كانوا تحدثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلا ، فلم يدخل منهم أحد إلا بجوار أو مستخفيا.
فجميع من قدم عليه مكة من أصحابه من أرض الحبشة ثلاثة وثلاثون رجلا.
* * *
٤١ ـ ابن مظعون ورده لجوار الوليد
ولما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من البلاء ـ وهو يغدو وبروح فى أمان من الوليد بن المغيرة ـ قال : والله إن غدوى ورواحى آمنا بجوار رجل من أهل الشرك ، وأصحابى وأهل دينى يلقون من البلاء والأذى فى الله ما لا يصيبنى ، لنقص كبير فى نفسى ، فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له : لم يا أبا عبد شمس ، وفت ذمتك ، قد رددت إليك جوارك. فقال له : لم يا ابن أخى؟ لعله آذاك أحد من قومى. قال : لا ، ولكنى أرضى بجوار الله ، ولا أريد أن أستجير بغيره. قال : فانطلق إلى المسجد فاردد علىّ جوارى علانية كما أجرتك علانية. فانطلقا فخرجا حتى أتيا المسجد ، فقال الوليد : هذا عثمان قد جاء يرد علىّ جوارى. قال : صدق وجدته وفيّا كريم الجوار ، ولكنى قد أحببت ألا أستجير بغير الله ، فقد رددت عليه جواره. ثم انصرف عثمان ، ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب فى مجلس من قريش ينشدهم ، فجلس معهم عثمان ، فقال لبيد :
ألا كل شىء ما خلا الله باطل
قال عثمان : صدقت. قال لبيد :
وكل نعيم لا محالة زائل