فمشى ابن الدغنة إليه فقال له : يا أبا بكر ، إنى لم أجرك لتؤذى قومك ، إنهم قد كرهوا مكانك الذى أنت فيه ، وتأذوا بذلك منك ، فادخل بيتك فاصنع فيه ما أحببت.
قال : أو أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله؟ قال : فاردد علىّ جوارى. قال : قد رددته عليك. فقام ابن الدغنة فقال : يا معشر قريش ، إن ابن أبى قحافة قد رد علىّ جوارى فشأنكم بصاحبكم.
فلقيه سفيه من سفهاء قريش ، وهو عامد إلى الكعبة ، فحثا على رأسه ترابا. فمر بأبى بكر الوليد بن المغيرة ـ أو العاصى بن وائل ـ فقال أبو بكر : ألا ترى إلى ما يصنع هذا السفيه؟ قال : أنت فعلت ذلك بنفسك.
* * *
٤٤ ـ نقض الصحيفة
ثم إنه قام فى نقض تلك الصحيفة ، التى تكاتبت فيها قريش على بنى هاشم وبنى المطلب ، نفر من قريش ، ولم يبل فيها أحد أحسن من بلاء هشام ابن عمرو بن ربيعة بن الحارث ، وذلك أنه كان ابن أخى نضلة بن هاشم ابن عبد مناف لأمه ، فكان هشام لبنى هاشم واصلا ، وكان ذا شرف فى قومه ، فكان يأتى بالبعير ، وبنو هاشم وبنو المطلب فى الشعب ليلا ، قد أوقره طعاما ، حتى إذا أقبل به فم الشعب خلع خطامه من رأسه ، ثم ضرب على جنبه ، فيدخل الشعب عليهم ، ثم يأتى به قد أوقره بزّا فيفعل به مثل ذلك.