٥٢ ـ هجرة الرسول إلى المدينة
وأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له فى الهجرة ، ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبس أو فتن ، إلا على بن أبى طالب ، وأبو بكر بن أبى قحافة الصديق رضى الله عنهما ، وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الهجرة ، فيقول له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا ، فيطمع أبو بكر أن يكونه.
ولما رأت قريش أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم ، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا ، وأصابوا منهم منعة ، فحذروا خروج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليهم ، وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم ، فاجتمعوا له فى دار الندوة ـ وهى دار قصى بن كلاب التى كانت قريش لا تقضى أمرا إلا فيها ـ يتشاورون فيها ما يصنعون فى أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم. حين خافوه.
* * *
فقال بعضهم لبعض : إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم ، فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا ، فأجمعوا فيه رأيا. فتشاوروا ثم قال قائل منهم : احبسوه فى الحديد ، وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله ، زهيرا ، والنابغة ، ومن مضى منهم ، من هذا الموت ، حتى يصيبه ما أصابهم. ثم قال