وبالجملة : فهما معنيان مختلفان ، لكنّك بالرجوع إلى ما تقدّم من أمر الميثاق تعرف أنّ المعنى واحد ، وأنّه عليهالسلام نسي الميثاق أوّلا ، فتمنّى منزلتهم صلوات الله عليهم أجمعين بالجمع بين المقامين ، فأكل من الشجرة ، فلم يتهيّأ له إلّا أحد الأمرين وهبط إلى الأرض.
وبذلك يرتفع ما يتراءى من المنافاة بين ما رواه العيّاشي عن موسى بن محمد بن عليّ عن أخيه أبي الحسن الثالث عليهالسلام ـ وفي إكمال الدين : عن الثمالي عن أبي جعفر عليهالسلام ـ قال : «إنّ الله ـ عزوجل ـ عهد إلى آدم أن لا يقرب الشجرة ، فلمّا بلغ الوقت الذي في علم الله أن يأكل منها ، نسي ، فأكل منها ، وذلك قول الله تبارك وتعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) ، (١) (٢) قال : الشجرة التي نهى الله آدم وزوجته أن يأكلا منها ، شجرة الحسد ، عهد إليهما أن لا ينظرا إلى من فضّل الله عليه وعلى خلائقه بعين الحسد ، ولم يجد له عزما». (٣)
وبين ما رواه عن أحدهما ـ عليهماالسلام ـ وقد سئل كيف أخذ الله آدم بالنسيان؟ فقال : «إنّه لم ينس ، وكيف ينسى وهو يذكره ويقول له إبليس : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) (٤)». (٥)
وفي العيون عن عليّ بن محمّد بن جهم ، قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليّ بن موسى ـ عليهالسلام ـ فقال له المأمون : يابن رسول الله!
__________________
(١). طه (٢٠) : ١١٥.
(٢). كمال الدين ١ : ٢١٣ ، الحديث : ٢.
(٣). الاختصاص : ٩٣ ؛ تحف العقول : ٤٧٨ ؛ تفسير العياشي ٢ : ٩ ، الحديث : ٨ ؛ المناقب ٤ : ٤٠٤.
(٤). الأعراف (٧) : ٢٠.
(٥). تفسير العياشي ٢ : ٩ ، الحديث : ٩.